10
القرآن العظيم .... وعلوم الطب

 أطوار الجنين !!ـ

 ــ عندما كان العقل لا يملك من وسائل التقنية ما يمكنه من معرفة أسرار تكون الجنين من البداية ، وُضعت نظريات عن نشأة الجنين وكانت كالآتي : ـ
النظرية الأولى : الجنين ينشأ من لا شيء عن طريق التولد الذاتي بالصدفة !!
ـ
النظرية الثانية : الجنين ينشأ من بذور تخرج من الرجل وتحمل صورة مصغرة وكاملة للطفل وما الزوجة إلا مكان ينمو فيه الجنين ...
ـ
النظرية الثالثة : الجنين ينشأ كاملاً من الأم وما السائل الذكري إلا كالخميرة تعمل كعامل مساعد فقط . !!
ـ

ـ وعندما أُكتشف المجهر وتطورت وسائل التقنية ، تأكد العلماء بأعينهم أن النظريات السابقة التي حاولت شرح كيفية تكون الجنين لا أساس لها من الصحة ، وفي القرن التاسع عشر وما بعده بدأت الاكتشافات المرئية وعُرفت الأطوار الحقيقية للجنين وهي كما يأتي :
ـ

أولاً ـ طور الخلية الأولى … ( النُطفة ) ـ
النطفة هي الطور الأول في تخلق الجنين ، وهذا الطور يمتد من اليوم الأول للحمل ( أي منذ تلقيح سلالة المرأة بسلالة الرجل ) ويبدأ فيه تكون الجنين باتحاد النطفة المذكرة ( الحيوان المنوي ) وهو يحمل نصف صفات الجنين مع النطفة المؤنثة ( البويضة ) والتي تحمل النصف الآخر من الصفات ، وينشأ عن هذا الاتحاد الخلية الأولى التي تحتوي على صفات الجنين كلها والتسمية العلمية لهذه الخلية هي ( زايجوت ) ، والمواد الموجودة بكل من الحيوان المنوي والبويضة أصبحوا الآن بعد اتحادهما في الخلية الواحدة عبارة عن مواد مخلوطة لا يمكن فصلها مرة أخرى ...
ـ
وهذا ما يسمى في اللغة العربية بـ " الأمشاج " وهو جمع " مشيج " أي خليط لا يمكن فصله مرة أخرى ، وهذا ما نراه واضحاً في هذا الطور من أطوار الجنين والذي كما ذكرنا يستمر حتى اليوم السادس من بداية الحمل …
ومن خلال هذه الخلية الأولى (( النطفة الأمشاج )) يتكون الجنين مرحلة بعد مرحلة بتوالي الانقسامات لتكوين أعداد متزايدة من الخلايا المتشابهة في طور حر الحركة يتجه نحو تجويف الرحم فتنقسم البويضة الملقحة ، وهي خلية واحدة وأكبر خلايا الجسم إلى خليتين ، ثم إلى أربع ، ثم إلى ثمانية ، فستة عشرة خلية … الخ ، حتى يكتسب خاصية التعلق في الطور الذي يليه ...
ـ
وفي نهاية اليوم الخامس من الحمل تتحول الخلية الأولى ( النطفة ) إلى ما يسمى علمياً بالكرة الجرثومية ، ويصل عدد خلاياها إلى ما بين 50 و60 خلية ...
ـ
وخلال عملية الانقسام والتكاثر تنتقل ( النطفة ) من أنبوب الرحم ـ قناة فالوب ـ إلى تجويف الرحم ، وذلك خلال اليوم الخامس تقريباً ـ لتبدأ تعلقها بجدار الرحم ، وذلك منذ اليوم السابع من بدء الحمل ، ولا يتجاوز قطر الجنين خلال طور النطفة خُمس المليمتر الواحد ، ، وقد قدر الله تبارك وتعالى فيها أدق مراحل خلقها وتسويتها فمن الاكتشافات المذهلة في علوم الأجنة أن كل صفات الجنين تُقَدَّر في هذا الطور الأول أو الخلية الأولى ( النطفة ) والتي لا يزيد قطرها عن خُمس مليمتر ، ولا يزيد وزنها عن جزء من المليون من الجرام ، فهذه الخلية الأولى ( النطفة ) تحتوي على الكروموسومات التي تحمل كل أوصاف الجنين المولود من لون الشعر ، ولون الجلد … الخ ، أي أن الجنين يتم تقديره في هذه المرحلة ... مرحلة النطفة ، وفي ذلك يستطيع كل باحث عن الحق أن يرى ويسمع قول الله تبارك وتعالى :
" قُتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره "
ـ الجزء الأكبر من النطفة يتكون من الماء والذي يحيط بالنطفة ويشملها : " الماء المَهين "ـ
وهنا نرى الإعجاز البلاغي العظيم في كلمة : (( مهين )) ، فهي تأتي بمعنى : (( ذو مهنة معينة )) ...
ـ
تأتي بمعنى : (( مُهان )) هذا الماء هو في الأصل من منِّي الرجل ...
ـ
يقول الله تبارك وتعالى في وصف أول أطوار الجنين :
ـ
" ثم جـعلناه نطفة في قرار مكين "
" إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً "


ثانياً : طور العلقة
ـ العلقة هي الطور الثاني في أطوار تخلق الجنين ، ويمتد من اليوم السابع من بدء الحمل ، وينتهي في الأسبوع الثالث ، وفي هذا الطور (( العلقة )) يتعلق الجنين بالرحم وتبدأ عملية تمايزه إلى طبقات ثلاثة مسطحة ، وهنا يظهر الإعجاز القرآني في أُوج صوره وذلك في وصفه لهذا الطور :
ـ
فكلمة (( علقة )) لها ثلاثة معاني في اللغة العربية :
ـ
ــ المعنى الأول :
ـ
تأتي هذه الكلمة بمعنى : " الشيء المعلق " … وهذا ما نراه واضحاً تمام الوضوح إذا نظرنا إلى الجنين في هذا الطور من خلال المجهر ؛ فسنراه (( مُعَلَّقاً )) بجدار الرحم حتى يستطيع الحصول على الغذاء !!
ــ المعنى الثاني :
ـ
تأتي أيضاً هذه الكلمة بمعنى : " الدودة " … وباستخدام المجهر نستطيع أن نرى جلياً التشابه الواضح بين شكل الجنين في هذا الطور " طور العلقة " وبين شكل " دودة البرك " !!
ــ المعنى الثالث :
ـ
في اللغة العربية تأتي كلمة (( علقة )) بمعنى : " الدم المتجمد " … وإذا نظرنا إلى الجنين في هذا الطور نظرة تشريحية فسنجد أن الدم في داخل العلقة يكون محبوساً داخل العروق بحيث يتهيأ للناظر أن هذه العلقة هي عبارة عن كتلة صغيرة من " الدم المتجمد " !!
ـ
وبهذا يكتمل بهذه الكلمة الصغيرة (( العلقة )) وصف الجنين في طوره الثاني وصفاً تشريحياً مجهرياً كاملاً في زمان لم فيه أي نوع من التقنية أو التقدم في أن نوع من العلوم سواء الطبية أو غيرها مع العلم أن حجم الجنين في هذه الأطوار الأولى لا يتعدى بضعة أجزاء من المليمتر ، أي أنه لا يمكن للعين المجردة أن تلاحظ وتشاهد وتصف الجنين بهذا الوصف الدقيق ، وقد وقف أمام هذا الوصف أكابر الأطباء و العلماء المتخصصين في علوم التشريح والأجنة في العالم أمثال :ـ
( Keith Moor ) ، و ( T .V. PARSAN) و ( Nelson Palmer ) وقفوا مبهورين وقد حنوا رؤوسهم إجلالاً ورهبة لنصوص القرآن العظيم والسُنَّة المطهرة …
يقول الله تبارك وتعالى في وصف الطور الثاني للجنين :
ـ
" يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة "
" ثم خلقنا النطفة علقة "
وفي هذا الطور يبدأ تمايز الخلايا التي يتألف منها الجنين أي أنها تبدأ في التشكل والاختلاف ، وفي نهاية هذا الطور ـ بعد نهاية الأسبوع الثالث ـ يصبح الجنين مؤلفاً من :
ـ
ثلاث طبقات من الخلايا :
ـ
1 ـ الطبقة الخارجية (( ECTOBLASTE)) :
ومنها يتخلق لاحقاً الجلد ومحتوياته ، والجهاز العصبي ، والنسيج المخاطي للفم والشفتين واللثة وشبكة العين ، وغيرها الكثير من الأعضاء التي لا سبيل لحصرها …
2 ـ الطبقة الوسطى ((MESOBLASTE )) : ـ
ومنها يتخلق لاحقاً الهيكل العظمي ، والعضلات ، والجهاز البولي ، والتناسلي ، والدم ، وغيرها من الأعضاء
3 ـ الطبقة الداخلية (( ENTOBLASTE )) :ـ
ومنها يتخلق لاحقاً الكبد ، والبنكرياس ، والأغشية المبطنة للجهاز الهضمي والتنفسي ، وغيرها من الأعضاء ..
ـ
ـ وكل هذه الاكتشافات العلمية ، والتي أثبتت أن بداية تخلق الأعضاء في الجنين يبدأ في هذا الطور ثم يكتمل في المراحل اللاحقة ، قد أجملها الله تبارك وتعالى في قوله :
ـ
" اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق "

ثالثاً : طور المضغة
يبدأ طور المضغة منذ الأسبوع الثالث من حياة الجنين ، ويمتد حتى الأسبوع السابع ، وخلاله تظهر في الجنين مرتفعات ومنخفضات فيشبه بذلك شكل اللحم الممضوغ وهو ما يسمى بـ ( طور الأجسام البدنية ) وعددها يكون بين 42 ـ 45 زوجاً ، فتعطيه هذا الشكل الشبيه بشكل اللحم الممضوغ ، والنظر إلى صور الجنين في هذا الطور من حياته يغني عن التعليق ، ويؤكد أن هذه التسمية للجنين في هذا الطور هي تسمية الخالق جلَّ وعلا ،وقد كانت المفاجأة عظيمة لعلماء التشريح والأجنة وعلى رأسهم ( D. KEITH L. MOOR ) العالم الكندي ورئيس قسم التشريح بجامعة ( تورنتو ) بكندا ، ورئيس الاتحاد الكندي الأمريكي لعلماء التشريح والأجنة ، وكتابه ( DEVELOPING HUMAN ) حاز على الجائزة الأولى في العالم عن أحسن كتاب ألفه مؤلف واحد وهذا الكتاب تُرجم لثمان لغات ، وبعد قراءة هذا العالم لما جاء في القرآن والسنة من وصف شديد الدقة لتطورات الجنين قام بإخراج طبعات جديدة للكتاب بالإضافات الإسلامية وقد أسماه :
ـ
DEVELOPING HUMAN WITH ISLAMIC ADDETION
ـ والجنين في طور المضغة يكون طوله لا يتجاوز السنتيمتر الواحد ، فمن المستحيل الكشف عن أية معلومات عنه إلا باستخدام المجهر …
يقول الله تبارك وتعالى :
ـ
" ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة "

ونجد في نص الآية الكريمة : " فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم " إعجازاً قرآنياً عظيماً آخر في وصف الجنين في طور المضغة بهذا الوصف الدقيق الشامل ، كما أخبرنا بذلك سيد الأنبياء وإمام المرسلين  بقوله : " أُوتيت جوامع الكلم " ؛ ففي نص هذه الآية الكريمة نجد أكثر من معنى وأكثر من وصف للجنين ، ومن هذه المعاني : ـ
1 ـ المعنى الأول : ـ
خلال طور المضغة يكتمل تكون الأغشية و الحبل السري وجزء من المشيمة ، وهي أقسام من المضغة تحيط بالجنين وتحميه وتغذيه ،إلا أنها تسقط وتموت بعد ولادته ، فهي تشكل إذن ( المضغة الغير مخلقة ) ، أما القسم الآخر من المضغة فيكون الجنين نفسه ( المضغة المخلقة ) …ـ
2 ـ المعنى الثاني : ـ
بعض أعضاء الجنين كالعينين والأذنين والقلب والجهاز العصبي وغيرها يبدأ في التكون خلال طور المضغة ، إلا أن تخلقها لا يكتمل تماماً إلا في المراحل اللاحقة ، أما العظام واللحم ( العضلات ) والأعضاء الجنسية وغيرها ، فلا تبدأ في التخلق إلا في طور العظام واللحم والتسوية ، أي منذ الأسبوع السابع وما بعده فالجنين في طور المضغة قد بدأ يتخلق في بعض أجزائه ( المضغة المخلقة ) ...ـ
أما الأجزاء الأخرى لم تتخلق بعد ( المضغة الغير مخلقة ) …
3 ـ المعنى الثالث : ـ
في طور المضغة تتمايز الخلايا فتظهر خلايا متخصصة ( كالخلايا العصبية والقلبية والدموية وغيرها )ـ
لتشكل الخلايا المخلقة التي ستُكوِّن مختلف أعضاء الجنين ( المضغة المخلقة ) ...
ـ
وتبقى خلايا غير متخصصة ( خلايا الاحتياط ) وهي خلايا غير مخلقة ، وهي عبارة عن خلايا احتياطية تتحول إلى خلايا متخصصة تحل محل الخلايا المتخصصة الأصلية عند موتها ، إذن نستطيع أن نطلق على هذا الجزء من المضغة والذي يحتوي على هذه الخلايا الغير متخصصة لفظ : ( المضغة الغير مخلقة ) …
ـ


رابعاً : طور العظام
ـ يبدأ هذا الطور منذ الأسبوع السابع من الحمل ، وفيه يتحول جزء من الأجسام البدنية التي أعطت الجنين شكل المضغة من أنسجة غضروفية إلى أنسجة عظمية ، لتشكل العمود الفقري وبقية الهيكل العظمي ، فيبدأ ظهور العظام والعضلات ...
ولذا فقد قال الله تبارك وتعالى عند ذكره للطور التالي لطور المضغة :
(( فخلقنا المضغة عظاماً ))


خامساً : طور اللحم
يبدأ هذا الطور في الأسبوع الثامن من الحمل ، حيث يتحول الجزء الباقي من الأجسام البدنية إلى عضلات تكسو الهيكل العظمي ، كما أن عظام الأطراف تُكسى فيه بالعضلات …
يقول الله تبارك وتعالى :
ـ
" فكسونا العظام لحماً "


سادساً : طور التسوية
ـ يمتد هذا الطور من بداية الشهر الثالث حتى الولادة ، وهو طور تسوية الجنين و إعطاءه الشكل الإنساني بعد أن كانت الأطوار السابقة أطوار خلق وتعديل في أعضاء الجنين ... ـ
يقول الخالق العظيم جلَّ وعلا :
ـ
" ثم سواه ونفخ فيه من روحه "
" سبح اسم ربك الأعلى ، الذي خلق فسوى "
وقد كشفت علوم التشريح و الأجنة كيف أن مختلف الأجنة عند الفقريات تمر في مرحلة معينة من تطورها بأطوار لا يستطيع خلالها أي عالم مختص في علوم الأجنة أن يفرق بينها وبين الجنين الإنساني في الشكل وذلك حتى الأسبوع السابع أو الثامن ، حين يأخذ الجنين عند الإنسان شكله الإنساني الذي يميزه عن بقية أجنة الفقريات وهنا يكمن الإعجاز العلمي في الآية :
ـ
" ثم أنشأناه خلقاً آخر "
أي أنشأناه في خلق يختلف عن بقية المخلوقات ...
ـ
وأخيراَ ، يخرج الطفل من رحم أمه بعد تسعة أشهر لوحة حية ، هي من أبدع اللوحات الحية التي أحكم تسويتها الخالق العظيم ...
ـ
" ثم يخرجكم طفلاً "
" فتبارك الله أحسن الخالقين "
" وصوركم فأحسن صوركم "

 

أرسل رسالة فوريه لأصدقائك من هنا

الموقع الرئيسي

إضغط هـنا للمشاركة